skip to Main Content

العاصمة السورية تعد مركزا لعدد من الدول عبر التاريخ أهمها الدولة الأموية، وهي مدينة موغلة في القدم حيث سكنها البشر منذ 10 آلاف عام.

تتميز دمشق بقدرة سكانها على تشييد المعمار فأصبح لدمشق عبر التاريخ معمارا خاصا بها

دمشق – منذ العصور القديمة، اشتهرت دمشق بوصفها مدينة تجارية تقصدها القوافل للراحة أو التبضع، فكانت المدينة إحدى محطات طريق الحرير وطريق البحر وموكب الحج الشامي، والقوافل المتجهة إلى فارس أو آسيا الصغرى أو مصر أو الجزيرة العربية. وهذا الدور الاقتصادي البارز لعب دورا في اغناء المدينة وتحويلها إلى مقصد ثقافي وسياسي أيضا، فالمدينة كانت مركزا لعدد من الدول، أهمها الدولة الأموية، أكبر دولة إسلامية مساحة عبر التاريخ، وفيها أقامت ودفنت شخصيات بارزة في تاريخ الشرق، مثل صلاح الدين الأيوبي والظاهر بيبرس.

منطقة دمشق مأهولة بالبشر منذ 10 آلاف عام أي خلال مرحلة الصيد والانتقال، كما يسميها علماء التاريخ. وقد عثر بجوانب المدينة إضافة إلى آثار الإنسان العاقل، على آثار لإنسان “نياندرتال”، وبعض الفؤوس ومقاحف حجرية وغيرها من الأدوات اليدوية، غير أن الفترة الممتدة من انقراض إنسان نياندرتال قبل 40 ألف عام وحتى 30 ألف عام، ظلت شديدة الغموض في تاريخ دمشق وتاريخ سائر الشرق الأوسط عموما.

وتعود الآثار البشرية والحضرية للظهور مع دخول العصر الزراعي قبل 30 ألف عام تقريبا، إذ عثر على العديد من القرى والمستوطنات البدائية، خصوصا في منطقة تل الأسود وتل الغريفة، وفي هاتين القريتين القريبتين من دمشق تم العثور على أقدم مخازن الحبوب في العالم، وبعض حبيبات من الشعير والقمح المتفحة.

وأما عن نمط الحياة حينها فقد بنى السكان الأوائل أكواخا بيضوية الشكل صغيرة الحجم استخدم في بنائها الطين واللبن والقصب، وهي من المواد التي كانت متوفرة بكثرة في المستنقعات والبحيرات التي كانت تسوّر المدينة، وجفّت مع تتالي الحقب.

وبحسب تحليل مادة “الكربون 14” فإن موقع تل الرماد يرجع تاريخه إلى النصف الثاني من الألف السابع قبل الميلاد وربما نحو 6300 قبل الميلاد، وقد شهدت المستوطنة البشرية تطورا حياتيا، فاستعمل الحجر في بنائها ورصفت شوارعها بالحجارة أيضا.

وقد عثر في موقع تل الغريقة على أقبية ومخازن ومواقد للشواء، وطور فيها السكان الأوائل نظام سقاية بسيط لكنه ذكي، كما عثر أيضا على عدد وافر من عظام الماعز والغنم وغيرها من الحيوانات المدجنة.

ورغم عدم تمكن المنقبين من وضع تصور دقيق حول الفن والحياة الاجتماعية والدينية في دمشق خلال تلك الفترة، إلا أنّ المكتشفات تدل على وجود نوع من الفن وحياة إنسانية متكاملة في كلا الموقعين.

وقد تميزت بإبداع الأواني الفخارية المختلفة، كما عرف الإنسان معدن النحاس في بداية الألف الخامس قبل الميلاد في تلك المناطق المتاخمة لمدينة دمشق، فأخذ يصنع منه أسلحته وأدواته.

وتميز هذا العصر الحجري النحاسي بمنجزات حضارية هامة، تجلت في الرغبة بمعرفة كل ما يتعلق بالكائنات وخالقها والتفسير الديني للوجود، فحرص الإنسان على تشييد المعابد والعبادات، وتطوير الزراعة والإفادة من الري واستخدام الدولاب والفرن في صناعة الأواني الفخارية، وحفر الأختام المبسطة وتنمية التبادل التجاري.

وقد أصبحت صناعة الفخار من أهم السمات الحضارية لسوريا في تلك الحقبة، وبدت الوحدة الحضارية تشمل مناطق واسعة، وجسدت روائع الفن والمعتقدات، وتأسست التجمعات السكنية على امتداد الطرق التجارية الهامة (مثل موقع حبوبة الكبير في حوض الفرات الأوسط)، وابتكر الإنسان رموزا حسابية وشارات كتابة تصويرية، وهو ما شكل المرحلة السابقة لابتكار الكتابة المسمارية في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، فبدأت العصور التاريخية في سوريا وتشكلت أقدم الممالك والأطر السياسية للعيش، كمملكة “إبلا” في تل مرديخ ومملكة “ماري” في تل الحريري ومملكة “أوغاريت” في رأس شمرا ومملكة “قطنة” في المشرفة ومملكة “الآلاخ” في تل عطشانة. لكن مستوطنة تل الغريقة التي عرف فيها الإنسان الأول أولى صور الحضارة، تم تدميرها في الألف الخامس قبل الميلاد نتيجة الحروب المتواصلة بين قبائل ودويلات تلك المنطقة. غير أنه خلال الفترة نفسها بنيت مستوطنة ثالثة شمال الغوطة، ويشير الباحثون إلى أن عددا من السكان عاد إلى التنقل بدلا من الاستقرار وذلك بدليل آثار المنازل ضعيفة الصنع، والتي تشير إلى تنقل مستمر بين المناطق، وإلى وفرة عظام الحيوانات، ما يدلّ على امتهان الرعي.

أما في فترة الألفية الثانية قبل الميلاد، فقد كانت دمشق جزءا من مقاطعة آمورو القديمة في عهد مملكة الهكسوس، ما بين 1720-1570 قبل الميلاد، وتذكر بعض السجلات المصرية القديمة من رسائل تل العمارنة، أنها كانت تسمى في ذلك العهد ديماسكو، وأنها تحت سيطرة ملك مصر القديمة بيرياوازا. حوالي عام 1260 قبل الميلاد، أصبحت دمشق فضلا عن بقية البلاد، ساحة معركة بين الحيثيين من الشمال والمصريين من الجنوب، وانتهت المعركة بتوقيع معاهدة بين هاتوسيلي الثالث ورمسيس الثاني، والتي سلمت مقاليد السيطرة على منطقة دمشق لرمسيس الثاني عام 1259 قبل الميلاد.

Back To Top