مقالات دمشق عبر العصور شخصيات دمشقية العائلات الدمشقية حكام دمشق
عند مدخل مدينة دمشق في أقصى الشرق تقع بانوراما حرب تشرين التحريرية بتصميم بنائي مستلهم من فن العمارة التي تبدو في قلاعنا العربية.
و وسط حديقة كبيرة مساحتها حوالي/62700/متر مربع يقع تمثال برونزي للقائد الخالد حافظ الأسد بلباسهِ العسكري و هو يقود حري تشرين التحريرية و من خلفهِ غلاف معماري لمشهد تصويري يجسد صورة حية عن المعارك البطولية التي جرت في السادس من تشرين الأول عام 1973م و السابع منه.
و نظراً لأهمية حرب تشرين التحريرية في تاريخ العرب الحديث و لضرورة ترسيخها في ذاكرة الأجيال العربية، و لجعلها بمثابة نموذج وطني لتربية جيل مؤمن بعدالة قضيته، قادر على العطاء، كان هذا الصرح المعماري الذي يجسد الأفكار و القيم التي زرعتها حرب تشرين في النفوس و العقول.
و الدخول إلى البناء يعني الكثير من مشاعر الحب و الحماس التي ترسلها تلك اللوحات و المواقع المصورة، حيث يقف الزائر بدايةً أمام لوحتين من الحفر النافر على الحجر، أحداهما على الجدار الأمامي الأيسر تمثل الشهادة في معركة ميسلون و بطلها يوسف العظمة، و الثانية على الجدار الأمامي الأيمن تمثل البناء و العمل و جميع انجازات التصحيح المبارك .
ضمن هذا الصرح المعماري يتجول الزائرين بين جناحين جانبيين، القسم الدائري لهما مقبب قطره /43.6 / متراً و ارتفاعهِ /37.1 / ، و على طرفيه أدراج توصل الزائر إلى الجناحين ثم إلى منصة العرض البانورامي في الطابق العلوي ..و التي من خلالها تشهد الحرب بأدق تفاصيلها من جنود و أسلحة و …..و نشاهد مدينة القنيطرة قبل أن يدمرها العدو بالكامل، بالإضافة إلى ساحتين لعرض الأسلحة، في الساحة الأولى تتوضع بعض النماذج من الأسلحة و العتاد السوري التي استخدمت في حرب تشرين، و في الساحة الثانية نماذج الأسلحة و العتاد الإسرائيلي التي استخدمها العدو، و التي تم الحصول عليها بصفة غنائم حرب خلال المعارك القتالية ضد العدو الصهيوني.
و هناك أيضاً العديد من اللوحات التي تعكس بوضوح عراقة العمارة العربية السورية و أصالتها، و منها لوحة كبيرة امتدادها /130/ متر و هي قطعة واحدة دائرية حيث يتمتع الزائر بمتابعة مشاهد أهم وقائع حرب تشرين المرسومة على تلك اللوحات و خلال عشرين دقيقة من الجلوس، و تُرافق تلك المشاهد مؤثرات صوتيه و شروح عن المعركة مع الموسيقى… و في أسفل اللوحة مجال مليء بالشواهد و المجسمات العينية التي توحي بواقعية المشهد و مصداقيته. لهذا فالبانوراما التي أُقيمت عام 1998م هي مكان يحمل بين جناحيه تاريخ هذا الشعب الأبي و هذه الأمة العظيمة.
و تجدر الإشارة إلى أن هذا الإنجاز الرائع استغرق سنوات اشترك خلالها المهندسون السوريون و معهم الفنانون الكوريون الأصدقاء في وضع خطط العمل و تصميمه و تنفيذه .
و يشبه هذا البناء بانوراما القاهرة و الذي يحفظ ذاكرة الفن، من خلال تجسديها للأحداث المهمة في تاريخ الشعوب .